(1913-1960) وُلِد ألبير كامو في موندافي في الجزائر أيام الاحتلال الفرنسي، وعُرِف بسبب عمله في الصحافة السياسية، وبسبب رواياته ومقالاته في الأربعينات من القرن الماضي، وتُعَدُّ أكثر أعماله شهرة: "الغريب" عام 1942، و"الطاعون"عام 1947، والتي تُعَدُّ من أهم النماذج على المدرسة العبثية. حصل كامو على جائزة نوبل للآداب عام 1957. نشر له مركز المحروسة روايتي "الطاعون"، و"الغريب".
عَلَى كُلِّ حالٍ، كانَ مُواطِنونا قَد بَدَؤوا في تِلكَ الفَترَةِ تَقريبًا في الشُّعورِ بِالقَلَقِ؛ إِذْ أنَّه ابتداءً مِن الثَّامِنَ عَشَرَ من أَبريلَ راحت المصانِعُ والمخازِنُ تَلفُظُ مِئاتٍ مِن جُثَثِ الفِئرانِ. في بَعضِ الحالاتِ كُنَّا مُضطَرِّين إلى إِنهاءِ حَياةِ الحَيواناتِ الَّتي كانَت حالَةُ احتِضارِها بَطيئَةً بأكثَرَ مِمَّا يُحتَمَلُ. لَكِن ابتِداءً مِن الأحَياءِ الخارِجيَّةِ حَتَّى وَسَطِ المدينَةِ، في كُلِّ مَكانٍ كان دكتور ريو يَمُرُّ فيه، في كُلِّ مَكانٍ كانَ أَهلُ مَدينَتِنا يَتَجمَّعون فيه كانَت الفِئرانُ تَنتَشِرُ مُتكَدِّسَةً أَكوامًا، في صناديقِ القِمامَةِ أَو في صُفوفٍ طَويلَةٍ في المجاري، تَناوَلَت صُحُفُ المَساءِ المَسألَةَ مُنذُ ذاكَ اليَومِ وسَألَت إذا كانَت البَلَديَّةُ تَعتَزِمُ أَمْ لا فِعلَ شَيءٍ حيالَ ذَلِكَ، وما هِيَ الإِجراءاتُ الضَّروريَّةُ العاجِلَةُ الَّتي تَنوي اتِّخاذَها لِحمايَةِ رَعاياها مِن هَذا الغَزوِ البَغيضِ. لَمْ تَكُن البَلَديَّةُ قَد اعتَزَمَت شيئًا، ولَم تَكُن تَنوي أَو تَتوقَّعْ شَيئًا عَلى الإِطلاقِ، لَكِنَّ مَجلِسَها بَدَأَ في الاجتماعِ مِن أَجلِ التَّشاوُرِ. صَدَرَ الأَمرُ لإدارَةِ مُكافَحَةِ الجِرذانِ بِجَمعِ الجِرذانِ المَيِّتَّةِ كُلَّ صَباحٍ عِندَ الفَجرِ. عِندَما يَتِمُّ الجَمْعُ تَقومُ عَرَبَتان تابِعَتان للإِدارَةِ بِنَقلِ الحَيواناتِ المَيِّتَةِ إلى مَصنَعِ حَرقِ القِمامَةِ؛ لِحَرقِها.
رُبَّما لم أَكُن واثِقًا مِمَّا يَهمُّني حَقيقَةً، ولَكِنَّني على تَمامِ الثِّقَةِ مِمَّا لا يَهمُّني، وإِنَّ ما تُحَدِّثُني عَنه -هو بالتَّحديدِ- مِمَّا لا يَهُمُّني. حين لَم يَدَعْ الحُزنَ بَعدَ وَفاةِ والِدَتِه صَدَمَ الجميع، وحينَ ارتَكَبَ جَريمَتَهُ العَشوائِيَّةَ تِلكَ في الجَزائِرِ العاصِمَةِ ذُهِلَ المجتَمَعُ أيضًا؛ لماذا يُقْدِمُ شابٌّ جَامِعِيٌّ مُلتَزِمٌ عَلى مِثلِ هَذا الفِعْلِ؟ ولِماذا لا يُبدِي نَدَمًا حَتَّى يَنجُوَ بِحَياتِه؟ رَفْضُه مَشاعِرَ الآخَرين يَزيدُ مِن ذَنبِهِ في نَظَرِ القانونِ. يَكتَشِفُ سَريعًا أَنَّه لا يُحاكَمُ بِسَبَبِ جَريمَتِه فَقَط، بَل بِسَبَبِ افتِقارِهِ إلى العاطِفَةِ؛ فَرُدودُ أَفعالِهِ تُدينُهُ لِكَونِهِ "غَريبًا". "لَقَد لَخَّصَت «الغريب» مُنذُ زَمَنٍ طَويلٍ في عِبارَةٍ أَعتَرِفُ بِأنَّها مُتَناقِضَةٌ للغايَة: «في مُجتَمَعِنا هَذا أَيُّ رَجُلٍ لا يَبكي في جِنازَةِ والِدَتِه يُخاطِرُ بِتَلَقِّي حُكمِ الإِعدامِ»، وكُنتُ أَعني فَقَط أَنَّ بَطَلَ كِتابي مُدانٌ بالفِعلِ لأَنَّه لا يَلعَبُ اللُّعبَة". ألبير كامو "حَقيقَةً، إنَّ كامو يُبلِغُ هَذِهِ الرِّسالَةَ في شَكلِ روايَةٍ بالتَّحديدِ، تَكشِفُ عَن كبرياءٍ مُهانَةٍ... هَذا لَيسَ استِسلامًا، بَل إدراكٌ ثَوريٌّ لِحُدودِ الفِكرِ الإنسانيِّ". چان بول سارتر